تحت الأنقاض صرخة… وحياة لم تكتمل
أن تنجو من الموت لا يعني أنك على قيد الحياة.
في صباحٍ رماديّ من أيام غزة، كان الركام هو المشهد السائد. حجارة متناثرة، أعمدة منكسرة، وغبار يُخفي كل شيء. وفجأة، شقّت صرخة صغيرة طريقها من تحت الخراب… صرخة أنور، الطفل الذي خرج من تحت الأنقاض، ليس بجسده فقط، بل بندبة لا تمحى في ذاكرة الحياة.
“أريد أمي… لم أودّعها، كانت نائمة بجانبي، ثم أظلم كل شيء.”
أنور، لم يتجاوز التسعة أعوام، كان يبيت في غرفة صغيرة إلى جانب والدته وشقيقتيه. حين سقط الصاروخ، تهدّم السقف دفعة واحدة. استيقظ وسط العتمة، ولم يجد سوى الصمت والرعب والدم. بقي لأكثر من 16 ساعة تحت الركام، يسمع أصوات المنقذين من بعيد، لكن صوته لم يكن يصل.
حين تمكّن المسعفون أخيرًا من إخراجه، لم يكن يصرخ، ولم يكن يبكي. كان ينظر بصمت، وعيناه تسألان عن كل ما فقده. جسده نحيل، وجهه مغبرّ، وروحه… مثقوبة بفقدٍ لا يُرمّم.
“أنور بخير”، قال الطبيب، لكن الحقيقة أن أنور فقد عالمه كله في ثوانٍ.
اليوم، يعيش أنور في أحد مراكز الإيواء، محاطًا بأطفال مثلَه، لكن دون ضحكات. الرسم هو وسيلته الوحيدة للتعبير. يرسم بيتًا… ثم يشطبه. يرسم أمًا… ثم يطوي الورقة. حين سُئل عن أحلامه، قال: “ألا يُهدم بيت آخر.”
قصة أنور ليست استثناءً، بل واحدة من آلاف القصص لأطفال لا يكبرون، بل يشيخون تحت الحصار والدمار.
- 🔹 هل نتركهم يمحون طفولتهم بأنفسهم؟
- 🔹 أين دورنا في حماية حقّهم في الحياة؟
- 🔹 هل الصمت صار لغة مقبولة؟
أنور نجا من تحت الأنقاض، لكن من يُنقذه من الصمت؟ من يُعيد له الحياة التي سُرقت؟